آخر زمن؛ زمن الفتن
من منا ترك يد الآخر وأهداه للضياع، نحن أم الزمن؟
شهرزاد بتصرف
١
ساءت ملامح الزمن كثيرا.....
فالجدران التي كنا نلطخها بالطباشير والفحم بفرح.. أمست تُلطخ بالدم بحزن!
قوم لوط.. أمسينا نطلق عليهم "جنس ثالث"
والمتشبهات من النساء بالرجال واللاتي لعنهن الله نطلق عليهن "بويات"
ونتعامل مع الكبائر على أنها "حالات نفسية"
ونستهلك الكثير من وقتنا في حوارات مقرفة مع "بويات" و"جنس ثالث" ومدمني خمر ومخدرات
وعلماء دين ونفس واجتماع يناقشون ويحللون
عفواً.. ماذا تناقشون؟
رجال يمارسون اللواط ونقول: أسباب نفسية
آباء يغتصبون بناتهم ونقول: أسباب نفسية
أبناء يمارسون العقوق بأبشع صوره ونقول: أسباب نفسية
فتيات يمتهن الدعارة ونقول: أسباب نفسية
وأمست الحالة النفسية "شمّاعة" زمن بشع!
٢
في طفولتنا كانت لعلبة الألوان وكراسة الرسم متعة مابعدها متعة
فالرسم كان بمثابة الكمبيوتر، والنت، والبليستيشن
في طفولتنا كانت القنوات التلفزيونية مدرسة من مدارس الحياة
وكانت هناك ثوابت لاتتغير بها
كان البث التلفزيوني يبدأ بـ "السلام الوطني" ثم "القرآن الكريم" يليه "الحديث الشريف" ثم أفلام الكرتون التي كنا نطلق عليها "رسوم متحركة" ثم "المسلسلات" العربية المحترمة التي كان لايصلنا منها إلا الصالح
لأن رقابة التلفزيون في ذلك الوقت كانت لاتتجاوز الخطوط الحمراء وكانت تحمل في أجندتها ماتحرص على احترامه
بدءاً بالدين وانتهاء بالعادات والتقاليد
فكانت مشاهد العُري تُحذف، ومشاهد الرقص تُحذف، ومشاهد القُبَل تُحذف والألفاظ البذيئة تُحذف
كان وقت الأذان مقدّس، ويليه فترة استراحة للصلاة
أما الآن.. ماذا تبقى من إعلام ذاك الزمان؟
مشاهد رقصٍ وعريٍ وقُبَل
وإعلانات مخجلة بدء بـ مزيلات الشعر وانتهاء بـالفوط الصحية
ومذيعات كاسيات عاريات
فإما أن تكون المذيعة رجلاً؛ تناقش وتحاور في المواضيع السياسية والرياضية بحدّة
وإما دمية تتراقص وتتمايل بملابس أقرب ماتكون لملابس النوم
ليسيل لعاب الرجال خلف شاشات التلفاز وينهار من جبال الأخلاق ماينهار، إلا من رحم الله!
٣
المسلسلات التركية وآخر أنواع المخدرات التي صدرت للوطن العربي....
لا عادات تتناسب مع عاداتنا ولا مفاهيم يتقبلها ديننا
فلا يكاد يخلو مسلسل تركي من امرأة حامل تحمل في احشائها بذرة حرام
نتابع المسلسل والبذرة تكبر
ونحن نتعاطف مع المرأة لانها بطلة المسلسل التي يجب ان نعيش حكايتها الحزينة
نترقب الاحداث بلهفة عظيمة
نتحاور ونتناقش هل ستعود اليه أم لا !
متجاهلين انها زانية تحمل في بطنها سفح
ضاربين بعرض الحائط كل القيم التي تربينا عليها
فمسلسل واحد كفيل بان ينسف بنا من الأخلاق الكثير !
واصبح التناقض يسري مسرى الدم بنا
ففي الوقت الذي نربي فيه فلذاتنا على الفضيلة والأخلاق
ننسف هذه الفضيلة وهذه الاخلاق امامهم في جلسة واحدة
لمتابعة مسلسل تركي بطلته حامل من صديقها البطل
ونحن نصفق ونشجع ونتعاطف ونبكي ... وننتظر ولادتها بفارغ الصبر !
٤
أتراه زمن أسنمة البخت المائلة؟ والنساء المائلات المميلات؟
فالعباءة الفضفاضة ذات اللون الأسود التي كانت تغطي المرأة من الرأس الى القدم فلا تشف ولا تكشف وترمز للدين والستر والحشمة؛ لم يتبقى من ملامحها القديمة الكثير
بعد أن نزلت من الرأس إلى الكتف
وضاقت حتى كادت تخنق صاحبتها
وضاع سواد لونها في زخارف وألوان دخيلة
وامست العباءة بعيدة كل البعد عن الدين والحشمة والعادات القديمة !
فهناك عباءات شبيهة بقمصان النوم
واخرى شبيهة بجلابيات المنزل
وأخرى لاتختلف كثيرا عن فساتين السهرة والأعراس
حقاً....
أتراه زمن أسنمة البخت المائلة ؟
٥
في الماضي الأجمل كان ابن الخامسة عشر يحمل السيف ويفتتح البلدان
يتحدى البحر في زمن الغوص من اجل لقمة العيش
واصبح ابن الخامسة عشر في زماننا مراهق يمر بمرحلة خطرة ولابد من مراعاة مشاعره
لابد من الانتباه اليه وتتبع خطواته حتى لايزل
وإن أخطأ فهو "حَـدَث" لا يعاقبه القانون
ابنة الخامسة عشر كانت في الماضي زوجة صالحة وأم على مستوى عال من المسؤولية
وأصبح زواج ابنة الخامسة عشر الان فعلاً يقترب من الجريمة فهي طفلة لاتتحمل مسؤلية نفسها
وقراراتها خاطئة ومشاعرها نزوة مؤقته تتغير حين تصل مرحلة البلوغ
ابنة الخامسة عشر في الماضي كانت أماً تربي اجيال
بينما هي في الحاضرمراهقة
إن لم نسخر حواسنا الخمسة في مراقبتها ضاعت
تُرى.. لماذا لم يراهق شباب الزمن الماضي وفتياته؟
هل المراهقة مرحلة من اختراعنا نحن؟
هل نحن من أوجدها وألصقها في زماننا؟
آخر زمن؛ زمن الفتن !
رحمنا الله وأمواتنا وأموات المسلمين، دمتم في حفظ الحافظ الحفيظ