رياح شرقية
لجنة «كل واحد يصلح سيارته»
محمد الشيخ
يبدو أن سياسة "كل واحد يصلح سيارته" المتبعة لدينا عند الحوادث المرورية والتي تعتبر ماركة سعودية بامتياز، أصبحت تستهوي لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي لكرة القدم، فهذه السياسة التي لا تستند على أي معطى قانوني، وإنما يعتمد عليها عند الحاجة للهروب من دهاليز اللوائح وزواريب الأنظمة. إما لخلل فيها، أو لضعف في المعني بتطبيقها، أو لمجرد (تكبير الوسادة) بحيث لا تضيع وقت المعنيين بأمر اللجنة.
تلك السياسة طبقتها اللجنة بامتياز في قضية اللاعبين أحمد الفريدي وحسين عبدالغني في أعقاب الاتهامات التي وجهها الأول للأخير بشتمه بكلام " لا يقوله المسلم" كما صرح الفريدي. إذ لم تكتف بأن يصلح كل واحد منهما سيارته كما فعلت حينما دعتهما للمصالحة، بل رشت على (الطبخة) من بهاراتها حينما ألزمت كل منهما بدفع بمبلغ 10 آلاف ريال تحت حجة تطبيق المادة 34 من لائحة الانضباط، في الوقت الذي لم توضح فيه تحت أي مادة جاء تطبيق المصالحة، إلا أن تكون قد اعتمدت بالفعل على مادة (كل واحد يصلح سيارته).
وكأني باللجنة بذلك تقول للفريدي، أو أي لاعب آخر يمكن أن يتعرض لما تعرض له من شتم وقذف بحسب دعواه (أنثبر، وكل هوا)، أو فلتأخذ حقك داخل الملعب بعيدا عن التصعيد، وبالمثل كذلك مع حسين عبدالغني الذي نفى الاتهامات وطالب برد اعتباره شرعاً وقانوناً. وعلى هذا الأساس يمكن لأي لاعب أن يرمي منافسه باتهامات بهذا المستوى الذي طال النفس والعرض، وتنتهي الأمور عند حدود المصالحة والغرامة، وفي ذلك تحريض مبطن على العنف الكلامي والجسدي، إذ لن يتجرأ بعد اليوم أي لاعب للبحث عن حقه، طالما أن الأمور في اللجنة تدار بهذه الطريقة.
هذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها قرارات لجنة الانضباط لغطاً في الوسط الرياضي، إذ دأبت على إصدار قرارات تبتعد في كثير من الأحيان عن المنطق، وإن احتجت باستنادها على لوائحها، لأن القضية في غالبها ترتكز على هشاشة تلك اللوائح، والتي تزيح النقاب عن ضعف قانوني واضح لدى المشرع و المفسر، والأدلة على ذلك كثيرة وقد لامسناها في أحكام الإيقاف عند (البصق) والتي تفاوتت بين حالة وأخرى دون مبرر مقنع، أو عند أحكامها بنقل المباريات، والتي تفننت اللجنة فيها بأساليب مختلفة تؤكد حقيقة مزاجية القرار.
نحن مع تطبيق القانون وسيادة القرارات على جميع الأندية واللاعبين دون تمييز أو تصنيف، سواء كان هذا النادي الهلال أو الثقبة، أو اللاعب محمد نور أو حمود الفشقة، شريطة أن يكون ذلك القانون يحترم العقل والمنطق، ويتوافق مع أنظمة وتشريعات (الفيفا)، لا أن يكون قانوناً ببنود فجة، وقرارات مستباحة، لأن ذلك إن لم يكن مدعاة للفوضى واللامبالاة، فهو في حده الأدنى مدعاة للضحك والتندر!.